الثلاثاء، 18 أبريل 2017

هل كل ما تزودنا به wikipedia صحيح ؟





ليست كل المصادر التي يطّلع عليها التلاميذ، بالضرورة موثوقة، على غرار الموسوعة الشهيرة wikipedia على شبكة الإنترنت.

يُعدّ الموقع أفضل مثال عن الطريقة التي تعمل بها الشبكة العنكبوتية في تقديمها للمعرفة، وذلك باعتمادها على وجهة نظر الغالبية. وعلى سبيل المثال، إن كان المجتمع يتكون، وفق ما صرح به الفيلسوف جون ستيوارت، وقبله أفلاطون، من أغلبية حمقاء، وقلة من العقلاء، فلن يمرّ حينها مبدأ المعرفة الجماعية دون طرح العديد من التساؤلات بخصوصه.

إقرأ أيضا : Facebook تبدأ حملة ضد السبام والحسابات المزيفة
               عشر ميزات جديدة في Galaxy S8 لا يتوفر عليها آيفون

وفي المقابل، تبدو موسوعة wikipedia، بعد 15 سنة من إطلاقها، حاضرة وبقوة، فضلاً عن أن الصلة التي تربطها بمحرك البحث، "جوجل"، وثيقة للغاية. تقود نتيجة البحث في "جوجل"، في المقام الأول، إلى المقالات الموجودة بموقع ويكيبيديا. إلا أن هذه الأخيرة تعجّ، بالأساس، بأنصاف الحقائق والأخطاء. ووفقاً لآليات "السمعة الإلكترونية"، أي الرأي الذي يكوّنه رواد الإنترنت حول موضوع ما، يعدّ مستخدم الشبكة العنكبوتية، الذي يبادر بالمشاركة والنقاش والكتابة، والتعليق بشكل كثيف، عنصراً ذا أهمية بالغة.

الأشخاص الأكثر نشاطاً، الذين يتحركون باستمرار لإضافة شيء ما على مختلف المواقع، من قبيل ويكيبيديا، أو تويتر، أو فيسبوك، يكون لكلامهم وزن ويكسبون احترام الآخرين.

ونتيجة لذلك، تبرز حالة شبيهة بتلك التي تحدث عنها الفيلسوف توماس هوبز، حيث يتولى الشخص الثرثار وضع وتحديد قواعد اللعبة. كما أن هذا النوع من الأشخاص يعمل على إظهار المواضيع التافهة، التي تشد انتباه رواد الإنترنت، على أنها مواضيع بالغة الأهمية. وخير دليل على هذه الحقيقة، هو وجود أكثر من 600 مقال عن شخصية الرسوم المتحركة، هومر سيمبسون، في ويكيبيديا، مقابل عدد أقل بكثير من التقارير والمعلومات المرتبطة بحياة وأعمال الشاعر الإغريقي الأسطوري، هوميروس.

الكل أصبح يعتمد على النسخ


وتكمن المشكلة الأكبر في تزايد عدد الصحفيين الذين يكتفون بنسخ المعلومات الموجودة على موقع ويكيبيديا، دون بذل عناء التأكد من مصادرها والتثبت من صحتها.

ونجح طالب إيرلندي في علم الإجتماع، يُدعى شاين فيتزجيرالد، في إيقاع العديد من وسائل الإعلام في فخّه، حيث قام بإضافة استشهاد على لسان الموسيقار موريس جار، الذي وافته المنيّة سنة 2009، إلى المقال المتعلق به في موقع ويكيبيديا، مع العلم أن هذا الاقتباس لم يرد على لسان جارٍ.

وفي الأثناء، سارعت العشرات من وسائل الإعلام، في اليوم الموالي، إلى نشر هذا الاقتباس؛ ومن بينها صحيفتا "الغارديان" و"الإندبندنت"، الأمر الذي أثار دهشة الطالب الإيرلندي. والجدير بالذكر أن فيتزجيرالد كان يهدف من خلال هذا الأمر إلى إثبات حقيقة أن الصحفيين يعتمدون بشكل كبير على الشبكة العنكبوتية خلال عملهم.

من ناحية أخرى، تنخفض نسبة الخطأ بالمجالات العلمية على موقع ويكيبيديا، ذلك أن من يشارك في كتابة مقالاتها يكونون في معظمهم من ذوي الإختصاص. أما المجالات الأخرى، على غرار التاريخ والسياسة، فغالباً ما تعتبر ساحة للنزاعات الأيديولوجية، حيث إن غطاء السرية الذي تمنحه الإنترنت يسمح للجميع بتزوير الحقائق. ولكن المشكل الأكثر عمقاً، الذي تطرحه هذه الموسوعة، يتمثل أساساً في صانعي الأكاذيب الذين يتلذّذون بترويج المعلومة الخاطئة.

في بعض الأحيان، تكون المقالات التي تنتشر على موقع ويكيبيديا عبارة عن أكاذيب بحتة. فعلى سبيل المثال، ظهر مقال على الموقع يتحدث عن جزيرة، من وحي الخيال، تُدعى "بورشيسيا"، لم يتم محوه إلا بعد 236 يوماً.

wikipedia فرصة للحمقى لإجتياح العالم


ووفقاً للفيلسوف والكاتب الإيطالي أومبرتو إكو، فإن ويكيبيديا من شأنها أن تُعمّق الهوة بين أغنياء الفكر وفقرائه، وبين المتفوقين في الدراسة والبقية. وفي هذا الصدد، صرّح أومبرتو إكو، خلال مقابلة له بتاريخ 24 أبريل/نيسان سنة 2010، بأن "الحاسوب بشكل عام، والشبكة العنكبوتية بشكل خاص، يصبّان في مصلحة الأغنياء ويحدِثان أضراراً بالغة للفقراء. بالنسبة لي، تقدّم ويكيبيديا الإضافة نوعاً ما، ذلك أنني أجد ما أبحث عنه من معلومات. خلافاً لذلك، أرفض التسليم بما يحتويه الموقع؛ إذ إنه وبقدر ما تتطور الموسوعة، تتكاثر الأخطاء والمغالطات".

وأضاف إكو أنه "على المستوى الشخصي، وجدت معلومات تتعلق بي تخلو من المنطق، ولولا أن أحدهم حذّرني بهذا الخصوص، كانت ستبقى تلك المعلومات دون حذف. في الحقيقة، يتميز الأغنياء بمستوى عالٍ من الثقافة، الأمر الذي يجعلهم مطّلعين على العديد من المصادر الموثوقة مائة في المائة. أما من جهتي، وخلال بحثي عن معلومة ما، فأتحقق من ويكيبيديا في نسخته الإيطالية، ومن ثم أطالع المقال باللغة الإنكليزية، وفي النهاية، أتثبّت من مصدر ثالث، وفي حال تطابقت المعلومات الموجودة في جميع المصادر، حينها أبدأ بتصديقها".


ويبقى المشكل المطروح، هو قدرة أي شخص، بالاعتماد على مزاجه، على كتابة الهراء والخرافات بالموقع. وفي هذا الصدد، قال أومبرتو إكو بكتابه "العدد صفر": "لقد أعطينا حق الكلمة لجحافل من الأغبياء. لم يكن جهلهم يمثل ضرراً قبل الآن لأحد، حيث كان الجميع يُسكتون الجاهل إذا ما تكلم على الفور. أما في الوقت الراهن فيمتلكون حق التكلم فيما يشاءون. إن الأمر أصبح شبيهاً بغزو الحمقى للعالم"

مترجم عن Huffington Post  الفرنسي

    إختر :
  • أو
  • للتعليق
ليست هناك تعليقات:
أكتب التعليقات